Top Ad unit 728 × 90

مقالات

نقد سينمائي

أول علاج نفسي بواسطة السينما

بقلم: نورالدين بوخصيبي

كنت قد كتبت في مقالة سابقة أن فيلم "أسرار النفس" (1926) للمخرج الألماني جورج ولهلم بابست هو أول فيلم تحليلنفسي في تاريخ السينما.
 إلا أن هناك شريطا آخر، هو الذي سنقف عنده في هذه العجالة، و هو فيلم يقدم أول علاج نفسي بواسطة السينما بشكل متقدم على المستوى التقني و الفني. يتعلق الأمر بشريط "لغز صخور كادور" (1912) للممثل و المخرج و المنتج الفرنسي ليونس بيريت Léonce Perret (1880- 1935).. و هو مخرج طلائعي قدم إنجازات مهمة للسينما الفرنسية في بداياتها الأولى.
 ما يهمني هنا بصفة خاصة هو شريطه هذا الذي يحمل إرهاصات أولية بالغة الأهمية لما سيعرف لاحقا بسينما التحليل النفسي، أقصد شريط "لغز صخور كادور" Le mystères des roches de Kador.. و هو شريط تبلغ مدته الزمنية حوالي 44 دقيقة..(أنظر الشريط أسفله)..و ما يهمني تحديدا في هذا الفيلم هو الفكرة الريادية التي جاء بها و التي تتعلق بالعلاج النفسي بواسطة السينما.

المخرج ليونس بيريت

  يحكي فيلم "لغز صخور كادور" قصة فتاة تدعى سوزان ورثت مبلغا ماليا مهما من الماركيز دي كيرانيك من خلال وصية تركها. و تقر الوصية بأنه إذا حصل أي مكروه للفتاة يجعلها في حالة من الخضوع، أو في حالة موتها، فإن ولي أمرها الكونت فيرناند دي كيرانيك، هو الذي يصبح الوارث الشرعي لثروتها.
لكن هذا الأخير يقرر، بعدما رفضت أن تبادله الحب، يقرر قتلها عبر تسميمها، كما يقرر قتل عشيقها رميا بالرصاص. ذلك ما قام بتنفيذه حين قام بجمع العشيقين دون علمهما بمنطقة صخرية على الساحل البحري بجهة Bretogne الفرنسية. لكن على عكس ما فكر فيه، لم يفلح الرجل في قتل العشيقين، إلا أن الفتاة عندما استفاقت من غيبوبتها أصيبت بصدمة نفسية قوية من جراء حالة حبيبها الذي اعتقدت أنه فارق الحياة. كانت هذه المشاهد المؤثرة على قارب بالبحر. و هذه المشاهد الخارجية الطبيعية أعطت الفيلم قوة كبيرة جعلته يتفوق على العديد من الأفلام الصادرة خلال تلك الفترة.
لقطة من الشريط

  كان هناك طبيب نفسي هو البروفيسور وليامز يجرب العلاج بواسطة السينماتوغراف. و هو الذي سيتمكن من إخراج البطلة من صدمتها بعدما اعاد تصوير الحدث كما وقع بالبحر، و قدمه على شاشة سينمائية على مرآى من الفتاة المصابة التي تمكنت مباشرة بعد مشاهدة الشريط، من استعادة وعيها و عافيتها، لتعود إلى حضن حبيبها، قبل أن ينفضح أمر الجاني في النهاية و يسقط في قبضة العدالة.
  من خلال هذا العمل التقعيري الجميل Mise en abyme ، و تحديدا من خلال استراتيجية الفيلم داخل الفيلم، يقدم بيريت تصورا للسينما بوصفها عملا تطهيريا، و بوصفها بالأساس عدة تدمج المتلقي ضمن حالة تماهوية يكون لها تأثير قوي على نفسيته، و على حياته الشخصية، كما سيتضح ذلك في أفلام عالمية أرخى فيما بعد.
الفيلم كما قلت هو من إخراج ليونس بيريت..التصوير لجورج سبيشت..الديكور من إبداع روبير جول غارنيي
إنتاج: غومونت Gaumont  سنة 1912. و الفيلم يتميز بصفة خاصة بتأطيراته الجميلة التي لم تخل من حس إبداعي متطور، و بتحكم جيد و متقدم في الإنارة، فضلا عن تيمته الرئيسية التي تحدثنا عنها..


 
أول علاج نفسي بواسطة السينما Reviewed by Nouredine Boukhsibi on يونيو 24, 2017 Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.